دراسة الهواء

منذ قديم الزمان، عرف الإنسان أن الهواء ضروري للحياة. فخلال القرن الخامس قبل الميلاد، اقترح الفيلسوف الإغريقي أمبيدوقليز أن أربعة عناصر هي الهواء والأرض والنار والماء تتحد بنسب مختلفة لتكون الخليقة. وقد وافقه على هذه الفكرة العديد من العلماء الإغريق. وفي القرن الرابع قبل الميلاد كتب الفيلسوف الإغريقي أرسطو كتاب الميترولوجيا (أي علم الأرصاد الجوية) الذي يضم ما جمعه من ملاحظات عن طبيعة الهواء وأشكال الطقس المختلفة. لم يستطع الفلاسفة والعلماء في السابق أن يختبروا نظرياتهم حول الهواء لعدم وجود الأجهزة الخاصة بقياس خواص الهواء. فقد بدأت ملاحظة العلماء للهواء منذ عام 1593م، عندما اخترع العالم الإيطالي جاليليو مقياسًا للحرارة. وفي عام 1643م اخترع العالم الإيطالي إيفانجليستا توريشلي جهاز البارومتر لقياس الضغط الجوي. وقد أثبت هذا الجهاز أن للهواء وزنًا. وفي منتصف القرن السابع عشر الميلادي استخدم الكيميائي الأيرلندي روبرت بويل البارومتر لإيجاد صيغة تربط بين كمية الهواء وضغطه. وخلال القرن الثامن عشر الميلادي بدأ العلماء دراسة الغازات المكونة للهواء. فقد اكتُشف الأكسجين من قِبَل الكيميائي السويدي كارل شيل في بداية السبعينيات من القرن الثامن عشر الميلادي، وتبعه الكيميائي الإنجليزي جوزيف بريستلي عام 1774م. وفي عام 1777م، أدرك الكيميائي الفرنسي أنطوان لافوازيه أن الأكسجين يساعد على الاشتعال. وفي عام 1772م، اكتشف الطبيب الأسكتلندي دانيال رذرفورد غاز النيتروجين. وفي عام 1894م، عزل اثنان من العلماء هما الكيميائي الأسكتلندي السير وليم رامزي والفيزيائي الإنجليزي البارون رايلي غاز الأرجون. وفي نهاية القرن التاسع عشر توصل العلماء إلى أن تركيب الهواء متشابه في جميع أنحاء الكرة الأرضية. وخلال العقد الأول من القرن العشرين اكتشف فريق نرويجي برئاسة الفيزيائي فلهلم بياركنز تحرك الكتل الهوائية. ونتيجة لالتقاء كتلة هوائية دافئة بكتلة هوائية باردة ينشأ ما يسمى الجبهة، يختلف فيها الطقس بصورة فجائية. وقد ساعدت هذه النماذج لأنظمة الطقس على التقدم الواسع في مجال التنبؤ الدقيق لحالات الطقس. ومع منتصف القرن العشرين حصل تقدم هائل في المعدات الخاصة بدراسة الغلاف الجوي. فاليوم تُستخدم كل من أجهزة الرادار والصواريخ والأقمار الصناعية والمناطيد (البالونات) لدراسة الأحوال الجوية. وقد مكنت هذه التسهيلات العلماء من مراقبة الغلاف الجوي باستمرار، كقياس مستويات التلوث الجوي وقياس التغيرات التي تطرأ على تركيب الهواء. وغالبًا ما يحمل المنطاد جهاز المسبار الراديوي (اللاسلكي)، الذي يقيس درجة الحرارة والضغط الجوي والرطوبة في الجو على مختلف الارتفاعات. حيث تبث أجهزة الإرسال في جهاز المسبار الراديوي المعلومات الخاصة بالطقس إلى المحطات المناخية على سطح الأرض. كما تساعد الحواسيب علماء الأرصاد الجوية في تحليل الكم الهائل من البيانات المناخية من مختلف المصادر وإعداد خرائط خاصة بالطقس.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نشأة الغلاف الجوي:

كيف يتصرف الهواء: